«الإيكونوميست»: تحديات تحقيق العدالة الاقتصادية تواجه الحكومة الفرنسية

«الإيكونوميست»: تحديات تحقيق العدالة الاقتصادية تواجه الحكومة الفرنسية
ميشيل بارنييه

سعت الحكومة الفرنسية الجديدة بقيادة ميشيل بارنييه إلى خفض عجز الميزانية المتفاقم الذي بات يهدد الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي للدولة، لكن تلك الجهود تواجه مخاطر تتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين، في بيئة اقتصادية هشّة.

وقالت "الإيكونوميست" في تقرير لها الأربعاء: "تحاول الحكومة الموازنة بين تقليص الإنفاق العام وزيادة الضرائب على الشركات الكبرى والأثرياء، ما يثير قلقًا من أن تلك السياسات قد تتسبب في تحميل الفئات الأقل حظًا تبعات الأزمة المالية، وتعريض حقوقهم الأساسية، كفرص العمل والخدمات الاجتماعية، للخطر".

أولويات حكومة بارنييه

أعلنت حكومة بارنييه عن حزمة مالية تستهدف تقليص العجز من 6.1% في هذا العام إلى 5% بحلول 2025، ارتكزت هذه الخطة على خفض الإنفاق وزيادة الضرائب بنحو 60 مليار يورو، الأمر الذي يثير تساؤلات حول تأثير هذه التدابير على الاقتصاد وعلى الحقوق المالية والاجتماعية للمواطنين.

الإنفاق المحدود وزيادة الضرائب

بينما تسعى الحكومة لخفض العجز المالي، فإن التدابير المقترحة، بما في ذلك الزيادات الضريبية "المؤقتة والموجهة" على الشركات الكبرى، قد تهدد نمو الاقتصاد، والأهم من ذلك، أن تلك السياسات تؤثر بشكل مباشر على حق المواطنين في العمل والحصول على رواتب لائقة، خاصة في ظل خفض الدعم الحكومي للشركات الصغيرة والمتوسطة التي تعتمد على التحفيزات المالية لتوظيف القوى العاملة.

تأثير السياسات على الفئات الهشة

أظهرت دراسات حديثة أن تقليص الإنفاق الحكومي في مجالات حيوية، مثل الدعم الموجه لتوظيف المتدربين وأرباب العمل، قد يؤدي إلى ارتفاع معدل البطالة إلى مستويات تتجاوز التوقعات الحكومية، حيث تعاني الأسر الفرنسية من هشاشة اقتصادية، ما يعنى أن العديد منها قد يختار الادخار بدلاً من الإنفاق، مما يزيد من مخاطر التباطؤ الاقتصادي.

الحق في العمل

شهدت بعض الشركات الصغيرة تراجعًا في الأرباح بسبب تقليص الدعم الحكومي الموجه لتوظيف العمال، وقالت كاترين جيرنيو، مالكة شركة صغيرة، إن إيرادات شركتها انخفضت بنسبة 20% هذا العام بسبب تخفيضات الدعم المرتبطة بتجديدات كفاءة الطاقة، مما دفعها للتفكير في تقليص الاستثمار وتسريح جزء من العمال، هذا التحول يمثل خطرًا على الحق في العمل، حيث يعتمد العديد من الموظفين على هذه الشركات في تأمين مصدر رزقهم.

تحقيق العدالة الاجتماعية

قدرت مجموعة أبحاث OFCE أن نمو الناتج المحلي الإجمالي في فرنسا قد يتباطأ إلى 0.8% فقط، وهو انخفاض ملحوظ مقارنة بالتوقعات الحكومية، وفي هذا السياق، يخشى الاقتصاديون من أن يؤدي التقشف المالي إلى تعميق الفجوة الاقتصادية بين الطبقات الاجتماعية، مما يعرض الحقوق الاجتماعية والاقتصادية للفئات الهشة للخطر.

الحق بالعدالة الاقتصادية

اعترف كبير الاقتصاديين في بنك أودو، برونو كافالييه، بأن السياسات الجديدة ستجلب الألم للجميع، لكنه حذر من أن الشركات الصغيرة والمتوسطة والأسر ذات الدخل المحدود ستشعر بتأثيرات أكبر، هذه الفئات، التي تعتمد بشكل كبير على الدعم الحكومي، ستجد نفسها في مواجهة تحديات اقتصادية شديدة قد تؤثر على قدرتها في تلبية احتياجاتها الأساسية.

النظام الضريبي

ويشكك كثيرون من وعود الحكومة بأن الضرائب الجديدة على الأثرياء والشركات الكبرى ستستمر لعامين فقط.

يرى برونو كاستانيي، مالك شركة تنظيف صغيرة، أن التخفيضات الضريبية التي كانت تشجع على توظيف العمال ذوي الدخل المنخفض ستؤثر بشكل سلبي على أعماله، هذه التغييرات الضريبية قد تدفع الشركات الصغيرة إلى تقليص عدد الموظفين، مما يهدد بتزايد معدلات البطالة ويعرض الحق في العمل للخطر.

الأعباء على العمالة

خفضت الحكومة الدعم الموجه للشركات التي توظف المتدربين، وهو إجراء ساهم في زيادة عدد العاملين في فرنسا بمليون شخص، هذا التقليص قد يعيق الرئيس إيمانويل ماكرون من تحقيق هدفه بخفض معدل البطالة إلى 5%، ما يثير تساؤلات حول مستقبل العمالة في البلاد، خاصة في ظل تحديات اقتصادية متزايدة.

الواقع الاقتصادي والاجتماعي

مع استمرار الحكومة في تقليص الإنفاق وزيادة الضرائب، تتزايد المخاوف حول تأثير هذه السياسات على حقوق الأفراد الاقتصادية والاجتماعية.

من جانب آخر، يرى الاقتصاديون أن التوازن بين الحفاظ على النمو وتقليص العجز يتطلب حلولاً أكثر استدامة، وليس الاعتماد على سياسات قصيرة المدى قد تزيد من حدة التفاوت الاجتماعي والاقتصادي.

الحقوق الاقتصادية في ظل التقشف

تستند ميزانية الحكومة إلى فرضية أن تخفيضات الإنفاق ستتم بشكل متوازن مع الزيادات الضريبية، ولكن التقديرات تشير إلى أن العبء الأكبر سيتحمله المواطنون من الطبقة المتوسطة والدنيا.

تُظهر تقارير المجلس الأعلى للمالية العامة أن نسبة الزيادات الضريبية تشكل 70% من حجم التقشف المالي، في حين أن الإنفاق الحكومي الحقيقي لم يشهد التخفيض المعلن عنه.

أولويات السياسة الاقتصادية

مع اقتراب نهاية فترة ماكرون الرئاسية، يظل التحدي الأكبر هو إيجاد سياسات اقتصادية تحقق العدالة الاجتماعية وتوازن بين الحاجة إلى تقليص العجز وضمان حقوق المواطنين الاقتصادية.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية